بقلم ✍️دلال كمال راضي
المعلم هو الركيزة الأولى والأهم في أي عملية تعليمية وهو القائم الحقيقي على فكر المجتمع ومفاهيمه وقيمه، والمتكفل بنقلها إلى الأجيال القادمة، وبالتالي هو يضطلع بمهمة البناء الفكري والمعرفي المعبر عن هوية المجتمع وحاضره ومستقبله، لذلك فإن مهنة التعليم مهنة سامية لا توازيها أي مهنة أخرى، فهي مهنة الأنبياء والرسل، فيحتاج من يضطلع بها إلى صفات تؤهله لحمل مشعل العلم وإيصال نوره إلى عقول طلابه بطريقة تربوية مدروسة ومجربة فينهل منه طلابه التربية قبل التعليم والسلوك الحسن والأخلاق الفاضلة قبل المعارف المختلفة، وقد لخص هذه الصفات الدكتور غازي القصيبي بقوله: “تجربتي الطويلة مع المدرسين علمتني أن للمدرس الناجح أربع صفات لا تفارقه، الأولى هي عشق المادة التي يدرسها، والثانية هي محبة الطلاب الذين يدرسهم، والثالثة هي القدرة على التواصل، والرابعة هي التسامح الفكري” الأمر الذي يجعل مهمة المعلم مهمة عظيمة فعمله متعلق بكل فرد في المجتمع وبكل أسرة، فهو الشخص الوحيد الذي يدفع إليه الناس أغلى ما يملكون وهم فلذات أكبادهم، ويعهدون إليه تشكيل أهم ما فيهم وهي عقولهم، حيث والمعلم يسهل العملية التعليمية ولكنها لا يبتكرها، ويدير الموقف التعليمي ولكن لا يكونه، ويوجه ويرشد أكثر مما يلقن ويحفظ، فيجب تهيئة الجو المناسب والأمثل للمعلم ليقوم بمهمته، فتوفير البيئة المناسبة للمعلم يصنع المعلم الناجح، ويؤدي إلى نجاح العملية التعليمية برمتها، فالعملية التعليمية خدمة اجتماعية أساسية تحتاج إلى كوادر أكفاء لهم القدرة على أداء هذه المهمة الوطنية العظيمة على أكمل وجه وبالطريقة التي تنعكس على مخرجات العملية التعليمية، فتكون نتيجتها جيل مسلح بالعلم والأخلاق والقيم يتوزع على تخصصات علمية مختلفة في مراحل لاحقة فيغطي حاجة المجتمع من الكوادر المؤهلة في كافة المجالات مما ينعكس بالازدهار والتقدم.
العملية التعليمية في الوقت الحاضر أصبحت ربما أسهل من قبل ولكن أوسع وأشمل وبذلك بفضل تطور تكنولوجيا التعليم، ودخول أدوات وأساليب جديدة مثل أجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت، مما يعزز دور المعلم ويجعل دوره لا يقتصر على الجانب المعرفي بل يتعداه إلى اكتشاف المهارات وتنمية القدرات الفردية وتوجيهها، ولكون هذه التكنولوجيا في تطور مستمر فيجب أن يكون هناك برنامجا تدريبيا للمعلم يستطيع من خلاله مواكبة كل جديد ومفيد في مجال عمله، وبالتالي إشراكه في القرارات التعليمية والتربوية داخل بيئته التعليمية والابتعاد عن التعامل الإداري والتوجيهي الجاف، فيجب الابتعاد عن الاستعلاء واصطناع الحزم في التعامل معه، فلا يكون مسلوب الإرادة يتلقى الأوامر والتعليمات ويتصرف بموجبها بعيدا عن رؤيته الخاصة، فهذا الأسلوب يخلق معلما غير منسجم مع مهنته وبالتالي يعجز عن زراعة روح العمل الجماعي والقدرة على اتخاذ القرار في طلابه.
حقوق المعلم وواجبنا كأفراد ومجتمع نحوه أكبر من أن يتناول في مقالات عابرة، ويكفينا في هذا الجانب ما جاء في الميثاق العالمي لحقوق المعلمين الصادر عن الأمم المتحدة..
ولعل واجبنا الأخلاقي تجاه المعلم يجعلني أذكركم بقول أحمد شوقي: قم للمعلم وفهِ التبجيلَا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أرأيت أعظم أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفساً وعقولا.