بدون أدنى شك يتجنب الكل صغارًا وكبارًا، الطعام السام أو الملوث أو ماقد يسبب تسمم لاحقًا للجسم، ولاسيما الأهل على اختلاف مستواهم المادي، فيحرصون كل الحرص على صلاحية الغذاء المقدم لأبنائهم، لكن يتهاون الكثير فيما يتسبب بالتسمم النفسي سواءً لنفسه أو من يعول، وهذا التسمم متمثل في السلبيه التي قال عنها عالم النفس (ترافيد براد بيري) أنها تضر منطقة الحصين في الدماغ وهذه المنطقه هي المسؤوله عن التفكير والذاكره.
وما قد يسبب التسمم النفسي أمور كثيرة في حياتنا ابتداءً من مواقع التواصل التي يتنقل بينها الأطفال والمراهقين الذين أصبحوا غير راضين عن أنفسهم وحياتهم تأثرًا بما يرون من مغريات لا تشابه واقع الحال لكثير ممن يتابعون، ولاسيما أن هذا الأمر ينطبق على كثير من الكبار الذين هم القدوه لأولئك المراهين والصغار، مما يسبب لهم الشعور بالنقص والأفكار السلبيه التي تعود عليهم بالقلق والشعور بعدم الرضا والغيره وعدم السعاده في حياتهم. كما أن أصحاب السوء مصدر قوي للتسمم النفسي واللا أخلاقي بكل أنواعه وهذا ما نص عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) وفي قرائة أخرى لهذا الحديث الذي عرفناه منذ الصغر بأنه يقصد الأخلاق الحميده والسيئه التي يحملها البعض، من وجهة نظري كباحثه في علم النفس والشخصيات أقول: أن أصحاب الشخصيات الإيجابيه والسامه ينطبق عليهم هذا التصيف في الحديث الشريف، فالنرجسي الذي لا يرى صوابًا غير رأيه، وصاحب الشخصيه المقيده لك والذي يريدك أن تكون دائما على هواه وملتزما بكلامه، ويخلع عليك طباعه وإن كانت سيئه في نظرك، والغيور الذي تظهر صفته تلك بمحاكاته الدائمه لكل ناجح أو متميز فتراه كل يوم في حال ليس له خط واضح يمتاز به، وينظر في كل تقدم لغيره بسلبيه ونقد،
وهؤلاء شخصيات العلاقات معهم تمتاز بسميه عاليه لأنهم على الأغلب يحملون أفكار سلبيه عن المجتمع ولا يعينوا من حولهم على التقدم، ولا يشاركوهم أفراحهم بنفس صادقه، كذلك الكذاب الذي يسمم مشاعرك بأفكار ومشاعر كاذبه ليس لها أصل من الصحه أو الوضوح، ومثلهم الشخصيات الدراميه التي تظهر نفسها دائما بحال المتعاطف المظلوم، أوالذي لا يرى في الحياة سببًا للسعاده وينظر للناس والمجتمع والعالم بأسره بعين الذبابه التي لا تقع إلا على الأخبار السيئه والقصص الحزينه والمشاكل والأمراض والأوبئه في العالم. وكل أولئك شخصيات سامه لديها من السلبيه والسميه في أفكارها مايسبب التسمم النفسي لك والذي لا يقل ضررًا عن نافخ الكير في الحديث الشريف. وهم في نظر علم النفس مرضى على هيئة أصحاء.
وأختم بقول فيلسوف العرب المسلم أبو يوسف يعقوب بن إسحق الكندي : إن النفس بسيطة، ذات شرف وكمال، عظيمة الشأن، جوهرها من جوهر البارئ عز وجل، كقياس ضياء الشمس من الشمس .