العادات والتقاليد هي إحدى أهم أسس القيم لأي مجتمع، وهي أفعال قامت بها الأجيال القديمة، ثم من بعدهم الأبناء والأحفاد، أن العادات والتقاليد هي مصدر فخر نحرص على فعلها وتطبيقها وتربية الأبناء عليها والتمسك بها.
أن العادات والتقاليد، تعتبر من أهم المجالات البحثية في علم الاجتماع، وفي الحياة اليومية من أهم المحركات التي تؤثر على حياة الأفراد في المجتمع، حتى أصبح التصرّف خارج حدود هذه العادات والتقاليد أمرًا مستنكر، أن العادات والتقاليد مجتمعين تشكل ثقافة المجتمع وتؤثر على سلوكه، ولهذا التأثير جانب سلبي وإيجابي حسب الشكل الذي يتعامل به الأفراد داخل المجتمع الواحد مع هذه العادات والتقاليد، أن العادات والتقاليد تعمق الإيمان والعقيدة السليمة لدى الأفراد والمجتمعات وتؤصل المفاهيم والأعراق الحسنة لديهم وهي من أهم الجوانب الإيجابية في مجتمعاتنا ومرتبطة بالأخلاق الحميدة ومعينة على المروءة بشرط توظيفها بطريقة إيجابية وصحيحة، الا أن بعضها يعكر على المجتمعات ويحمل أثار سلبية لا يمكن أن نغفل عنها، ومن أهم هذه الجوانب السلبية إعاقة التقدم المجتمعي ففي كثير من الأحيان يمتنع أفراد المجتمع عن فعل أمر ما لأنّه في نظرهم يعارض العادات والتقاليد حتى وأن كانت تخالف الدين والعقيدة ففي بعض الأحيان تكون العادات والتقاليد منافيةً لكثير من الأمور والأصول التي نص عليها الدين.
أن مع تطور الحياة وتغير متغيرات الحياة الاجتماعية أصبحت هناك فجوه بين العادات والتقاليد وما وصلت إليه الحضارة العالمية، والتمسك اللاعقلاني بالعادات والتقاليد وعدم محاولة تطويرها سوف يكون سبب في رفض كل التحديثات التي يجريها العلم أو التي تطرأ على الساحات الدينية والعلمية والاجتماعية، فيبقى المجتمع حبيس الأفكار القديمة، وهنا يجدر التنويه أن المقصود بتلك العادات والتقاليد تلك العادات الجاهلية المتزمتة والمتطرفة التي من شأنها أن تسبّب الضرر، أن أهمية العادات والتقاليد لا يمكن تجاهلها في تكوّن الحضارات لأنّها تمنح المجتمعات هويةً معينة تميزها، فكثير من العادات والتقاليد نابعة من تاريخ عريق والحفاظ عليها بمثابة الحفاط على ذلك التاريخ.
أن بعض العادات والتقاليد أصبحت تكتسب قداسة معينة فجرد التفكير أو محاولة تغيرها يجعل صاحب ذلك الفكر شخص مجرم مجتمعياً، حتى أصبح مجرد السؤال عنها لا يجوز وهي ما تسمى بثقافة عيب في مجتمعاتنا ومجرد التحدث في ذلك الأمر يجعل صاحبها في دائرة الاتهام والعزلة مما نمى داخل الأفراد مبدأ الخوف من التغير والتقليد المتكرر دون النظر في الأثر الناتج عن تلك العادات والتقاليد، مما يستوجب علينا مراجعة تلك العادة والنظر في معاييرها ومقاييسها وخصوصاً أن كانت محاطة بوهم الأهمية وميزانٍ مختل ليس فيه عدل، حيث أن مجرد التغيير في نمط الحياة الشخصية أو الاجتماعية على مستوى الفرد أو المجموعة يعد أمراً له أهمية قصوى.
أن الثورة على الواقع والعقل والذات، ويكون ذلك بإدخال شيئاً جديداً أو التخلص منه، وهنا يكمن التحدي إن مما يساعد في القضاء على العادات والتقاليد هي القيم التي يتحلّى بها الفرد أو المجتمع ودرجة قوتها وصوابها أن الإنسان بطبيعته قابل للتغير حسب الظروف ومتغيرات الحياة، والفطرة الإنسانية تميل إلى الأنس بما اعتادت عليه وقيل: الإنسان مجموع عادات تمشي على الأرض، وقيل: لإنسان ابن عادته وليس ابن طبيعته، أن الإسلام يحقق المصالح في جميع الأحوال العقيدة والعبادة والعادات والقِيَم والارتباطات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية وغيرها، مما يُنَظِّم حياةَ الإنسانِ كلها في الدنيا والآخرة، أن العادات والتقاليد الصالحة والمستقيمة تعزز الروابط المجتمعية وتقويها، والعادات والتقاليد السيئة والمنحرفة عن النهج السليم تضعفها، والتقليد الأعمى يضللها، وقد جاء الإسلام بالتحذير والتنفير من العادات والتقاليد السيئة، قال تعالي { بَلۡ قَالُوٓاْ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ } قال تعالي { وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (الزخرف: الآية 23،22).
* باحث قانوني ومدرب معتمد