نبحر معاً... في سماء الكلمة والخبر..

إدمان التوتر

بقلم الأستاذة/ سها عبدالله الحريري.. أخصائية الصحة النفسية وتعديل السلوك

الإدمان الحقيقي ليس إدمان التدخين أو المخدرات أو الشراب، الإدمان الحقيقي هو إدمان التوتر و التفكير الذي هو المحرك لأفعال الإنسان التي يعبر عنها بلغة جسده بالتدخين أو تعاطي أي نوع من مخدرات العقل أو مسكراته، والتي تعمل على تعطيل العقل وبالتالي تعطيل مؤقت للتوتر الناتج عن التفكير في المواقف السلبيه أو مقاومة أعباء الحياة أو ضغط الشغل. وكما قال (هانز سيلي) وهو مبتكر المفهوم البيولوجي للتوتر:” ليس التوتر هو مايقتلنا، إنما يقتلنا رد فعلنا تجاهه”. وهذا برأيي يعتمد على تعلم التعامل مع المواقف وفن إدارة الضغوطات، كما يعتمد بشكل أساسي في البدايه على تقبل الذات وتقبل المواقف والصدمات في حياتنا لاسيما تقبل الآخرين و معرفة النقص فيهم كما في أنفسنا وبالتالي تقبل الخطأ أو القصور حين يحدث.

وفي كتاب أظهر للتوتر أنك الرئيس صنفت (كارول سبايرز) أشخاص بأنهم “ناقلو التوتر” فهم لديهم القدره على التسبب في توتر الآخرين، من خلال رفع مستوى القلق بشكل متعمد لدى المحيطين بهم بدون أن يعانوا أنفسهم أي تأثير عكسي في أنفسهم. ومن الممكن هؤلاء الأشخاص يكونوا أحد الوالدين أو من الأصدقاء أو مدير أو رئيس في العمل أو حتى بين الأخوان ممكن أن يتواجد من هو من هذا الصنف، وعادة ماينتج عن هذا السلوك مستويات مرتفعه من التوتر، والإضطراب النفسي الجسدي.  عرفت إدارة الصحه والسلامه بالمملكه المتحده عام(2001) التوتر هو الاستجابه العكسيه التي يبديها الأشخاص نتيجة للضغوطات المفرطه أو المتطلبات الأخرى المفروضه عليهم، وهو يظهر عندما يشعر هؤلاء الأشخاص بعدم القدره على التكيف مع هذه المطالب. وتعد الأمراض النفسيه المرتبطه بالتوتر معروفه، وقد شعر معظمنا بشيء منها في وقتٍ ما من حياته، مثل القلق، الخوف، الإنفعال، التعب الجسدي، عدم الرغبه في عمل شيء، أو حتى في حالات التوتر العالي ربما يشعر أحدنا بوخز في الصدر أو ألام في المفاصل وما إلى ذلك من الكثير من الأعراض الناتجه عن التوتر، ويبقى صحي في حدود معينه فهو السبب الرئيس في الحفاظ على حياة الشخص حين يواجه شاحنه وهو يعبرالطريق مثلا، أو عندما يسبح بعيدا في بحر مفتوح فيتوتر لضياع اتجاه العوده للشاطئ أو لمواجهة قرش مثلا، ذلك النوع من التوتر الذي يبقينا على يقظه من أمرنا ووعي كامل بالحفاظ على سلامة أرواحنا. وهنا اتذكر كلمة بيل كلنتون حيث قال: “عندما يتعرض الناس للتوتر فإنهم في بعض الأحيان يكرهون التفكير بينما هم في أشد الحاجه إليه”. والحقيقه أن التوتر طويل المدى هو مايوصل الإنسان الى الإدمان في التفكير وبالتالي ربماالإدمان بأشكاله الأخرى أو أمراض القلب التي أثبتت دراسات كثيرة أنها ناتجه عن التوتر. والحل لهذه المشكله الوعي الذاتي العالي بالنفس وقدراتها، وتطوير مهارات التواصل مع الأخرين، وإتقان عملية التنفس السليم وقت الغضب أو التوتر من أمرٍ ما أو شخصٍ ناقل أو مسبب للتوتر، وهذا التنفس هو مايجعلنا نهدأ ونفكر لدقائق قبل ارتفاع مستوى الغضب لدينا وذلك عن طريق أخذ شهيق عميق وحبسه بداخلنا لمدة أربع ثواني ثم اخراجه ببطئ شديد. ودوماً اذكر حديث سيد البشر عليه الصلاة والسلام ووصيته لنا بتكرارها في قوله: (لا تغضب، لا تغضب) كما أن الرياضه تساعد بنسبه أكثر من 80% من تهدأت الشخص بل وخروجه بحلول لمشكلته أو على الأقل تفريغ سم التوتر الزائد وطرده من الجسم.

         أخيرًا برأيي التوتر قرار وليس اختيار.

توتير الكاتبة

اعلان

Print Friendly, PDF & Email
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.