بقلم✍️ د سعود ساطي السويهري
يركز علم النفس الإيجابي على التنمية الإيجابية للطفل، ويرتبط بشكل أساسي على الأبوة والأمومة الداعمة والفعالة، والتي لا تقتصر على الأم والأب فقط، بل تمتد لتشمل كافة الأفراد الذين يشاركون في تربية الطفل ورعايته؛ وبالتالي تعزيز النمو الإيجابي للطفل بما يتضمن رعايته وتعليمه وإرشاده والتواصل معه وتلبية كافة احتياجاته بإستمرار دون شروط. وتقول اخصائية علم النفس التربوي د.هيثر لونزاك (Heather Lonczak)، “أن كل التعريفات للأبوة والأمومة الإيجابية؛ ركزت على أن الهدف هو تعليم الانضباط بطريقة تبني احترام الذات لدى الطفل، كما تدعم العلاقة بين الوالدين والطفل، كي يحترموا ويقدروا بعضهم البعض، دون كسر روح الطفل”.
وهناك العديد من البحوث حول الآثار قصيرة وطويلة الأمد للأبوة والأمومة الإيجابية على تكيّف الطفل، والعلاقات بين الأبوة والأمومة الإيجابية والنجاح الأكاديمي، وتعتبر مؤشرًا للاستراتيجيات السلوكية الوقائية، ودراسات حول علاقة أسلوب الأبوة والأمومة بالصحة العاطفية للطفل، فقد تم تعريف الأبوة والأمومة الإيجابية، للطفل في مرحلة ما قبل الروضة على أنها: “تشمل الدفء ورعاية تعليم الطفل بشكل استباقي للمدرسة، والانضباط” والمشاركة الإيجابية”.
وقد أوضحت الأبحاث العلمية أن الأبوة والأمومة الإيجابية؛ مرتبطة بجوانب مختلفة من النمو الصحي للطفل، وذلك من خلال : تأثيرها على مزاج الأطفال، من خلال تعزيز تنظيم وإدارة المشاعر والسيطرة الفعالة عليها، بحيث تمكن الطفل من تركيز انتباهه؛ بطريقة تعزز لديه القدرة على تعديل المشاعر والتعبير عنها، ويعزز التواصل الإيجابي ومهارات الأطفال الاجتماعية، ويمكنهم من حل المشكلات، ويعزز ترابط الطفل مع أقرانه؛ فالأبوة والأمومة التي تدعم مواهب الطفل الفطرية المميزة تمكنه من امتلاك أدوات تقرير المصير وتحمل المسؤولية.
وهنا يأتي السؤال الأهم: كيف أربي أطفالي تربية إيجابية؟،
ويمكن الإجابة عن هذا التساؤل ببساطة واختصار في النقاط التالية :
1. فهم عالم الطفل: تعد الثقافة التربوية لدى المربين من أهم العناصر المساعدة في عملية التربية الإيجابية، فيجب أن يحاول الأهل فهم أطفالهم وخصائصهم النمائية، ليستطيعوا التعامل معها بأسس تربوية سليمة.
2. الإنصات الفعّالز: يعد التعاطف مع الطفل من أهم مبادئ التربية الإيجابية، وهو ما تسميه جان نيلسون أحيانا «التواصل قبل التصحيح»، إن هذا التواصل له قواعد منها الاستماع الجيد وإظهار التعاطف بتعبيرات الوجه نبرة الصوت ومشاركة الطفل مشاعره وأفكاره عند الحاجة، وعدم إصدار الأحكام ، وتوصيف مشاعره ومساعدته في فهمها مما يجعله يستطيع التعامل معها لاحقا.
3. الاحترام المتبادل : اعتذر من طفلك حين تخطئ بحقه، ووازن بين الحزم والعطف، ولا تخرق أبدًا القواعد التي تريد من طفلك أن يلتزم بها.
4. العواقب لا العقاب : إن أسلوب «العاقبة» من أنجح طرق التهذيب، وهو يعني أن نجعل لكل تصرف خاطئ عاقبة تتناسب معها، كأن تكون عاقبة إساءة استخدام الألعاب هو أخذها بعيدا مع الإشارة لأسباب هذا التصرف منك وأن تخبره أنها متاحة حين يود استخدامها استخداما جيدًا بدلا من العقاب البدني أو اللفظي أو حتى النفسي كالتجاهل أو وضع الطفل في ركن العقاب.
5. التركيز على الحل بدل اللوم : يسيطر على الطفل الشعور بالذنب والعجز حينما يخطئ، ولومك له يزيد داخله هذا الشعور ولا يجعله يحسن التصرف في المرة القادمة، فالطفل ينتظر من الأهل مشاركته في اقتراح حلول للمشكلة الناتجة عن خطأه؛ حتى يعزز لديه مهارة حل المشكلات.
6. يتصرف الأطفال بشكل أفضل حينما يشعرون بمشاعر جيدة : تقول جان نيلسن : «إن الطفل سيء السلوك هو طفل ينقصه التشجيع»، وهناك عوامل أخرى تساعد في جعل شعور الطفل جيدا ، مثل تقدير أفكاره وشكره على مجهوداته.
وفي الختام يجب أن نؤكد بأن التربية الإيجابية تتطلب مجهودًا مستمرًا من قبل الأهل والقائمين على عملية التربية، إلا أن نتائجها الإيجابية على حياة الطفل سترافقه طويلًا؛ مما يجعلها ضرورة حتى ينشأ الطفل وهو مسلّح بالعديد من المهارات التي تساعده على بناء شخصيته وصقلها بشكل سليم.