نبحر معاً... في سماء الكلمة والخبر..

نمو ما بعد الصدمة،،، (تطور ولا تستسلم)

بقلم✍️ د سعود السويهري

يتعرض الإنسان في حياته للعديد من الأحداث التي تؤثر عليه بشكل أو بآخر، ويخرج منها وهو يعاني نتائج هذه الأحداث، وقد تصل إلى ضغوط ما بعد الصدمة التي يظل يعاني ويلاتها وجراحاتها، ويستجلب أحداثها وآلامها.
ولا يخفى على الجميع مدى المعاناة التي يعانيها من يتعرض لصدمة معينة، ومدى بذل طاقاته الكامنة في سبيل الصمود النفسي، وكذلك مدى مساندة المحيطين له في تخطي أزماته، ولكن قد حان الوقت لهذا الإنسان أنه لابد أن يتفهم ضرورة تحويل الضغط إلى مقاومة والحزن إلى خبرة وتجربة ينقل إثر خبرتها لصحيفة تجاربه، وأن يتسلح لما قد يواجهه من عقبات ومشكلات وضغوط وآثار نفسية واجتماعية تلحق بما يجتره من هذه الأفكار التي تجعله في حالة نفسية سيئة يعاني عدم التوازن والضجيج النفسي.
ولكن ماذا يعني نمو ما بعد الصدمة؟ للإجابة على هذا السؤال يمكن القول بأن نمو ما بعد الصدمة يعني خبرة التغير النفسي الإيجابي التي يعايشها الفرد بعد التعرض لصدمة معينة مثل موت شخص عزيز، أو خسارة أو جائحة مالية، أو إصابة بمرض معين، أو طلاق ولهذا يقوم الفرد بتغيير الفلسفة الحياتية للتعامل مع هذه الصدمات باتزان، والبحث عن نقاط القوة التي تساعده على الثبات والتحسن اللاحق في مستوى أدائه الوظيفي مع نفسه ومع الناحية الإجتماعية الخارجية. ومن خلال هذا المنطلق فإن نمو ما بعد الصدمة هو الحل المناسب لكي يستطيع الفرد توجيه أفكاره وطريقة تعاملاته الذاتية والاجتماعية في الإطار الصحيح.
إن التغيرات الإيجابية التالية لصدمات الحياة تشمل تغيرات نفسية واجتماعية منها تغيير الرؤى وإعادة التوازن، وعدم التقوقع والاستسلام للصدمات والضغوط، ويأتى ذلك من خلال التنظيم الفعال للمصادر الشخصية والاجتماعية، الأمر الذي يترتب عليه أكثر من مجرد مواجهة التحديات الحياتية ليصل إلى درجة الازدهار النفسي والاجتماعي.
والهدف هنا في تطور ما بعد الصدمة ليس فقط مجرد الصمود والصلابة والشعور بالتماسك وتفعيل سمات الشخصية كالانبساط واليقظة وفقط؛ بل المراد هنا الوصول لمرحلة التعافي، فالمتغيرات السابقة دالة على قدرة الفعل على التحمل للصدمات، ولكن غير دالة على الوصول لمرحلة التعافي الذي يكون في جوهره ما يقصد بالنمو التالي للصدمة.
وختاما ننصح من يتعرض لصدمة أثرت في حياته أن يعي جيدا معنى ما نقصده، لعل هذا المقال يكون سببا في تعافي من يعاني من صدمات وويلات لم يستطع التخلص منها، وظلت عالقة في فكره ووجدانه، وهذه بعض النصائح التي تساعدك على تخطي هذه الأزمات والصدمات في إطار المقصود من نمو ما بعد الصدمة:
1- لك الحق في التأثر بأي صدمة كانت فأنت بشر.
2- لك الحق أيضا في أخذ الوقت لمشاركة أحزانك لفقد ما تملك ومن تحب وما تحب.
3- أن تشعر بقيمة الحياة بعد التعرض لما يجعلك في حالة عدم التوازن.
4- الشعور بقوى الشخصية والرغبة في العودة للحياة وقل”سأجتاز هذه المحنة، وسأحولها لمنحة”.
5- الروحانية: بمعنى التقرب من الله عزو جل، وتبني وترسيخ القيم الدينية وزيادة الإيمان في القلب، وتكوين علاقة سامية بين العبد وربه.
6- اتباع الاهتمامات الجديدة، واتباع أسلوب حياة مختلف عن سابقه، ويتولد عن ذلك زيادة تقديم العون للآخرين، والشعور بالتعاطف.
7- الاستعداد التنظيمي لمواجهة المحن المستقبلية.
وأخيرا فإن نمو ما بعد الصدمة يعد بمثابة رؤية وفلسفة جديدة للحياة تتضمن سمو العلاقات وزيادة قيمة ومعنى الحياة والاهتمام بالجانب الديني؛ من أجل التطور الفعال في النظرة للحياة التي نعيشها.
وختاما ليس من المهم أن تتعسر، الأهم أن تنمو وتتطور،،

Print Friendly, PDF & Email
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.