نبحر معاً... في سماء الكلمة والخبر..

لماذ الصيام سنويا!؟

بقلمً ✍️ أ د: السيد سعد عبد العزيز استشارى جراحة المسالك البولية بمستشفى الجدعانى بجده.

شعيرة الصيام التى هى فريضة دينية يمتنع فيها المسلم بصفة رئيسية عن ملذات جسدية هى الاكل والشرب،  وذلك لفترة محددة يوميا ويستمر ذلك لمدة شهر عربى، يتداول موقعه فى فصول السنة المختلفة بطقسها المتباين.

وتمثل ممارسة شعيرة الصوم اختبارا جادا وحقيقيا لمعظم اجهزة الجسم البشرى وهو ما حفز الكثيرين لدراسة مدى مصداقية ذلك والتحقق منه، خاصة وان النصائح العامة والخاصة توحى عكس ذلك، فالجميع ينصح بزيادة تناول السوائل بصفة عامة. ولان الصيام فريضة دينية فلا شك لدى اصحابها ان كل امر او تشريع جاء من السماء انما جاء لحكمة الهية تصب فى صالح الانسان، ومن ثم فان ما يسمى بالفرائض الخمس تخضع للامر ذاته واشهر الامثلة على ذلك صوم رمضان فى الاسلام.
وبعيدا عن قواعد الصيام واحكامه الدينية التى تختلف باختلاف اصحاب الديانات التى تقره، فان فوائد الصيام بمعايره الرئيسية وخاصة الصحية منها كثيرة جدا وخاصة للاجسام السوية التى هى مناط التكليف واداء تلك الشعيرة، وهذا حسب قولهم (كل حسب شريعته) يؤكد حكمة الاله واعجاز تشريعاته فى الصيام، الذى يبدو ظاهريا انه يحرم الجسد من اهم احتياجاته الضرورية لسلامته، وهو ما يدعيه البعض وخاصة المنكرين والمعارضين بدعوى ان هذا التشريع يتعارض علميا وصحيا مع ابسط القواعد الاسلامية، فاذا كانت هناك اثار للصيام على حالة الجسم الصحية الا ان فوائده للجسم كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر 10 اسباب صحية مدعومة علميا تجعلنى امارس تلك الفريضة سنويا والتى تتمثل فى :
1. عدم الاكل والشرب اثناء فترة النهار يؤدي الى تجمع كثير من البكتيريا في الفم وذلك لتوقف دورة ونشاط الغدد اللعابية فيه، مما يؤدى الى جفاف الفم والتى ينتج عنها رائحه الفم المميزة (خلوف فم الصائم)، وهذا ليس منفرا اذ ان الصوم يبدأ بفريضة ووضوء (تشمل المضمضمة وهى غسل الفم وتطهيره جيدا بالماء)، وينتهى بوضوء ويتخللها وضوئين ينعم فيها المسلم بفرصة جادة وحقيقية لنظافة وتطهير فهمه عمليا.
2. النقص المؤقت للفيتامينات والمعادن الضروريه للجسم أثناء فترة الصيام تساعد الجسم على التكيف وخلق بدائل فعالة وآمنة، اذا ان الجسم يعوض تلك الفيتامينات والمعادن بعد الافطار لكن يتغير درجة الاعتماد عليها ومن ثم اهميتها والحاجه اليها، فلا يشكل انخفاضها او ارتفاعها خطرا مباشرا على الجسم كما ان نقصها المؤقت يحفز الجسم لتخزين احتياجاته وتامين كمية وافرة منها استعدادا لذلك.
3. تنخفض معدلات ومستويات السمنه في شهر رمضان حصريا، رغم ان جسم الصائم عند الافطار يمتص كميات كبيره من السكريات والنشويات للتعويض وتأمين احتياجاته ولا يتسنى له حرقها في الفتره بين وقت الافطار وبين وقت النوم، الا ان الجسم عادة لا يمكنه تخزينها على هيئه شحوم، بعكس ما يحدث اثناء اليوم العادي الذي نتناول فيه مأكولات على فترات متقاربة نسبيا فيتسنى للجسم تخزين بعضها من وقت لآخر وتحويلها الى دهون.
4. يقل ضرر الصوم وتأثيره على الكلى كما يقل خطر ترسب الاملاح البولية وتكوين الحصوات رغم نقص المياه اللازمة لاذابة تلك الاملاح وخفض تركيزها فى البول، وهو ما يسهل عملية التخلص منها نظريا ويمنع ترسيبها وتكوين الحصوات البولية، ولعل ذلك ناتج عن تقلص المدة التى يحدث فيها الجفاف فعليا والتى يتبعه تدفق شلالات من المياة مع الافطار تمتص سريعا لتصل الى الدم ومنها الى الكلى لتجرف ما تكون بحوض الكلى وتجويفها الداخلى من حصيات وترسبات.
5. ان تفاعلات الجسم للحفاظ على حالته الصحية والتى يتبعها وقف التدفق الدموى للكلى يؤدى الى جفاف بعض الوحدات الوظيفية للكلى المنهكة او الضعيفة ومن ثم تساقطها، وهو ما قد يؤدى ظاهريا الى تاثرها وتضررها وظيفيا، الا ان الانسجة الكلوية سرعان ما تجدد خلاياها وتحدثها وتستبدل تلك التالفة بوحدات اكثر كفاءة واجدى وانفع من سابقتها، وهو ما يزيد او على الاقل يحافظ على كفاءة الكلى فى فترة الصيام وما بعدها.
6. نقص معدلات الاصابة بالتهابات المسالك البوليه الجديدة رغم نقص الادرار البولي، حيث يصبح تركيز الجراثيم والبكتيريا فى اعلى معدلاتها لفترات وجيزة لا تمنح وقتا كافيا لحدوث العدوى وتمكنها من الانسجة الداخلية للجهاز البولى السليم والتى يتمتع بالعديد من عوامل الوقاية والحماية ضد تاثيرات البكتريا الضارة وسمومها، خلافا لما عليه الحال فى المرضى الذين تكثر اصابتهم بتلك الامراض وخاصة السيدات ومرضى البروستاتا والحصوات، وكلها حالات مرضية ترفع بذاتها من معدلات الاصابة بالتهابات المسالك البولية.
7. يضع الصيام حدا للافراط فى الممارسات الجنسية وهو ما يقلل من احتقانات الاعضاء الجنسية وارهاقها بممارسات غير سوية ومن ثم خفض معدلات الالتهاب الجنسية والتهابات المسالك البولية ومنح انسجتها فرصة لتجديد خلاياها ورفع كفائتها وتفاعلها مع هرمونات الرغبة والنشاط الجنسى.
8. يحفز الصيام مخمليات الامعاء الدقيقة الفرصة لاستعادة وزيادة الكائنات الدقيقة والبكتريا النافعة، التى تساعد فى تخليق عدد من الفيتامينات (فيتامين ب وفيامين د وفيتامين ك)، والعناصر المفيدة فى بناء الجسم وصلابة العظام اضافة الى توفر معدلات الكالسيوم تنوع مصادره خلال وجبتى الافطار والسحور، فتتحول العظام الى قوية نسبيا وهو ما يقلل من هشاشتها وتعرضها للكسر.
9. الانخفاض في مستوى الماء بالدم اثناء فترة الصيام يقابله تقلص فى سعة الجهاز الوعائى (القلب والاوعية الدموية) للحفاظ على ضغط الدم وانسيابية الدم وهو ما يمنح جزء من النسيج الوعائى راحة مؤقتة، تمكنه من مواصلة العمل لاحقا والقدرة على التكيف والتفاعل بكفاءة مع الحالات المشابهة التى ينتج عنها نقص حاد فى كمية الدم بالجسم، كما فى حالات النزيف الحاد والحروق العميقة وغيرها.
10. ارتفاع الحالة المعنوية والروحية العامة وهو ما ينتج عنه رفع كفاءة الجهاز المناعى وزيادة معدل كريات الدم البيضاء خلال وقت الصوم، وبالتالي مقاومة الاصابه بالامراض التى تنشط نتيجة ضعف مناعة الجسم كما فى عدد من الأمراض المناعية والفيروسات والاورام وكذلك الاصابة بالتهابات المسالك البولية وغيرها.
واجمالا فان صيام شهر كل عام (شهر رمضان فى الاسلام) يمثل اختبارا حقيقيا وجادا وعمليا لفحص كفاءة الاجهزة الجسدية المختلفة للوقوف على مدى كفاءتها وقدرتها على التعامل مع ما قد يعترضها من ظروفة قهرية غير صحية وغير اعتيادية تحتاج الى كفاءة خاصة تمكنها من اجتياح تلك الصعاب وتجاوزها بكفاءة، وهذا الاختبار يصعب اخضاع الجسم له اختياريا لذا كان فرض الصيام ضرورة للحفاظ على كفاءة الجسد ومدى جاهزيته، هدانا الله واياكم سبل الرشاد ووفقنا لما يحبة ويرضاه.

 

Print Friendly, PDF & Email
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.